الواقع المعزز أو ما يطلق عليه بالإنجليزية Augmented Reality من المصطلحات الجديدة التي ظهرت مؤخرا، و بحكم انفتاح التعليم على التكنولوجيا و سعي رواده و منظريه إلى الاستفادة من أحدث ما جادت به التكنولوجيا في تحفيز المتعلمين و جعل عملية التعلم أكثر متعة و تشويقا و إثارة، فقد وجدت تقنية الواقع المعزز طريقها بسهولة إلى مجال التعليم، لتساهم بدورها في إعادة تعريف التعلم، و جعله ذا غاية و معنى.
أولا ما هي تقنية الواقع المعزز
1- تعريف الواقع المعزز
الواقع المعزز هو نوع من الواقع الافتراضي الذي يهدف إلى تكرار البيئة الحقيقية في الحاسوب و تعزيزها بمعطيات افتراضية لم تكن جزءا منها. و بعبارة أخرى، فنظام الواقع المعزز يولد عرضا مركبا للمستخدم يمزج بين المشهد الحقيقي الذي ينظر إليه المستخدم والمشهد الظاهري التي تم إنشاؤه بواسطة الحاسوب و الذي يعزز المشهد الحقيقي بمعلومات إضافية.
يهدف المشهد الظاهري virtual scene الذي تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر إلى تحسين الإدراك الحسي للعالم الحقيقي الذي يراه أو يتفاعل معه المستخدم. ويهدف الواقع المعزز إلى إنشاء نظام لا يمكن فيه إدراك الفرق بين العالم الحقيقي و ما أضيف عليه باستخدام تقنية الواقع المعزز، فعند قيام شخص ما باستخدام هذه التقنية للنظر في البيئة المحيطة به فإن الأجسام في هذه البيئة تكون مزودة بمعلومات تسبح حولها وتتكامل مع الصورة التي ينظر إليها الشخص.
وتستخدم اليوم تقنية الواقع المعزز في مجال الترفيه، والتدريب العسكري، والتصميم الهندسي، والروبوتات، والصناعة التحويلية وغيرها من الصناعات، كما يتم إدماجها في التعليم بشكل تدريجي.
2-كيف تعمل تقنية الواقع المعزز ؟
تعتمد تقنية الواقع المعزز على تعرف النظام على ربط معالم من الواقع الحقيقي بالعنصر الافتراضي المناسب لها و المخزن مسبقا في ذاكرته، كإحداثيات جغرافية أو معلومات عن المكان أو فيديو تعريفي أو أي معلومات أخرى تعزز الواقع الحقيقي. و تعتمد برمجيات الواقع المعزز على استخدام كاميرا الهاتف المحمول أو الكمبيوتر اللوحي لرؤية الواقع الحقيقي، ثم تحليله تبعاً لما هو مطلوب من البرنامج والعمل على دمج العناصر الافتراضية به.
ونشير إلى أنه هناك طريقتان لعمل الواقع المعزز. ففي حين تعتمد الطريقة الأولى استخدام علامات (Markers) تستطيع الكاميرا التقاطها وتمييزها لعرض المعلومات المرتبطة بها، تستعين الطريقة الثانية بالموقع الجغرافي عن طريق خدمة (GPS) أو ببرامج تمييز الصورة (Image Recognition) لعرض المعلومات.
ثانيا- تطبيقات الواقع المعزز في التعليم
1- آفاق الواقع المعزز
تخيل أنك تعيش في عالم سحري كعالم هاري بوتر، حيث تُزيَّن رواقات المدرسة بالعشرات من اللوحات التفاعلية التي تنبض بالحياة. تخيل الآن أنك كمدرس تمتلك القدرة على إنشاء عوالم افتراضية تفاعلية تنبض بالحياة و مليئة بالمعلومات والتفاصيل الدقيقة حول مكوناتها… الأمر سيكون ممتعا حقا لو تحقق على أرض الواقع، و سيغير كثيرا من نظرة الطلاب إلى المدرسة و سيجعلهم حتما يقبلون على الدراسة بشغف و متعة منقطعي النظير… لكن هل تعلم أن هذا الأمر قد انتقل حقا من عالم الخيال العلمي إلى العالم الحقيقي بفضل تقنية الواقع المعزز (AR) ؟ نعم، فهذه التقنية تسمح لك بفعل ذلك عبر إسقاط طبقات افتراضية من المعلومات الرقمية على العالم المادي، و التي يمكن عرضها من خلال الأجهزة الذكية التي أصبحت في متناول الطلاب والمدرسين. فمع منتجات الواقع المعزز مثل Elements 4D يمكن للطلاب مناولة العناصر الكيميائية و خلق تفاعلات بينها بشكل افتراضي من خلال أجهزتهم الذكية، بدلا من مجرد القراءة عنها في الكتاب المدرسي. كما يمكنهم أيضا و من خلال نفس التقنية إجراء تشريح لجسم الإنسان من خلال تطبيق Anatomy 4D ، حيث يسمح للمستخدمين باستكشاف جسم الإنسان وعزل أجهزة الجسم المختلفة.
إن الإمكانات الواعدة التي توفرها تقنية الواقع المعزز في التعليم دفعت الدول المتقدمة إلى الاهتمام بها و محاولة الاستفادة منها في جعل التعليم أكثر تفاعلا و واقعية. و في هذا الإطار، اعتمد الاتحاد الأوروبي مشروع (iTacitus.org) لتعليم تاريخ أوروبا عن طريق تركيز عدسة الجوال على بعض المناطق التاريخية لتظهر للزائر الأحداث التاريخية التي مرت منها. كما أن جامعة ويسكونسون الأمريكية تستخدم برنامج (ARIS) لخلق بيئة ألعاب افتراضية يمكن توظيفها في خدمة المنهج الدراسي. أما شركة (Metaio) الألمانية فتعمل على تطوير كتب تفاعلية تنبض بالحياة بمجرد تسليط كاميرا الجوال عليها.
2- تطبيقات الواقع المعزز في التعليم
عموما و حينما يتعلق الأمر بإدماج التكنولوجيا في التعليم، ينطلق العقل البشري ليبدع بلا حدود، و ينتج أفكارا مبتكرة تجعل أشياء كانت يوما ما جزءا من الخيال العلمي واقعا محسوسا. و تقنية الواقع المعزز لا تخرج عن هذه القاعدة، لذلك فلا حدود للأفكار المتعلقة بكيفية توظيفها، و إن كنا فيما يلي سنسرد بعضا منها، ففقط على سبيل المثال و الإلهام ، و ليس أبدا على سبيل الحصر.
1- تطبيقات الفصول الدراسية
هناك تطبيقات عدة يمكن توظيفها لجلب تقنية الواقع المعزز لفصلك الدراسي، سنفرد لها مقالا خاصا في وقت لاحق إن شاء الله، حيث تتيح هذه التطبيقات للمستخدمين انشاء و الاندماج في تجارب الواقع المعزز الخاصة بهم، بكل سهولة و يسر و بتوظيف أجهزتهم الشخصية أو المدرسية.
2- الواجبات المنزلية المدعمة بالشرح
يمكن استخدام تقنية الواقع المعزز لدعم المتعلمين و مصاحبتهم حين إنجازهم للواجبات المنزلية. فعندما يتعثر الطالب في إنجاز واجبه المدرسي، يمكنه الاستعانة بكاميرا هاتفه المتنقل التي يصوبها نحو النقطة التي تشكل صعوبة بالنسبة له ليظهر له فيديو معد مسبقا من طرف معلمه، يشرح تلك النقطة، و يزوده بعناصر تساعده على حل المشكلة.
3- معرض الصور الحية
يمكن استغلال تقنية الواقع المعزز في إعداد معرض لصور هيئة التدريس بالقرب من مدخل المدرسة، حيث يمكن للزوار تفحص صورة أي مدرس بواسطة هواتفهم النقالة، لتدب الحياة في هذه الصورة و تُحدِّث الزائر عن صاحبها.
4- عرض حول كتاب
يقوم الطلاب بتسجيل عرض موجز للكتاب الذي انتهوا للتو من قراءته، يتم تحويل العرض إلى بطاقة معلومات رقمية مرفقة (assigned digital information) بواسطة برنامج معلوماتي معد لهذا الغرض، تلصق على غلاف الكتاب، و تُمكِّن أي شخص من الوصول الفوري للعرض المسجل و التعرف على موضوع الكتاب عبر مسح بطاقة المعلومات بواسطة الهاتف النقال.
5- تشجيعات الوالدين
يتم تسجيل كلمات موجزة للآباء و الأمهات يقومون من خلالها بتشجيع أطفالهم، و لصق بطاقة معلومات أو أي صورة معبرة على مقعد كل طفل. للرجوع إليها و تصفحها بواسطة الهاتف النقال كلما احتاج المتعلم لتشجيع و تحفيز والديه.
6- ألبوم الصور الحية
يمكن إعداد ألبوم صور لأنشطة السنة الدراسية، من حفلات و خرجات و ندوات و ما شابه، و يمكن لكل شخص يود التعرف على معلومات إضافية على نشاط معين أن يمرر هاتفه المتنقل فوق الصورة ليظهر له فيديو النشاط و كل المعلومات والإحصائيات و التقارير المتعلقة به.
7- مختبر السلامة
يتم إعداد صور أو بطاقات تحمل رمز السلامة، و تعلق في جميع أنحاء مختبر العلوم بحيث تشغل وسائط متعددة عند تفحص الطلاب لها بواسطة كاميرات أجهزتهم الذكية، لتطلعهم على إجراءات و بروتوكولات السلامة المختلفة و الخاصة بمعدات المختبر.
0 التعليقات: