الأحد، 18 يونيو 2017

فضائل ليلة القدر



قال الله تعالى في كتابه الكريم
((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ))[1] .
فأول فضائل ليلة القدر : 
 هو نزول سورة من سور الكتاب العزيز باسمها ، وهذا من باب التعظيم والتنويه على أهميتها ، ولكي يستقر في النفوس المؤمنة عظمة أمرها ، فيعملون على الاهتمام بها والجد في تحصيل فضلها .

كما أن موضوع السورة بأكمله اقتصر على ذكر ليلة القدر فقط وما فيها من فضائل متعددة وما فيها من خير وبركة ، واهتمام الملأ الأعلى بها 

ومن فضائلها : نزول القرآن الكريم فيها

قال ابن كثير : يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر، وهي الليلة المباركة التي قال الله، عز وجل:
 (( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ))[2] وهي ليلة القدر، وهي من شهر رمضان، كما قال تعالى: 
(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ))[3] .

قال ابن عباس وغيره : 
أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .[4]

ومن فضائلها :ذكرها بصيغة التفخيم والتعظيم 
 ذكر الله لها والتنبيه علي علو شأنها بصيغة التعظيم ورفعة الشأن وعلو القدر حيث قال سبحانه : 
(( لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ))

قال السعدي : ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال(( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ )) أي : فإن شأنها جليل ، وخطرها عظيم.ا.هـ

قال سيد قطب : والليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري (( وما أدراك ما ليلة القدر ))

فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل هذا القرآن . وإضافة هذا النور على الوجود كله 

وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير البشري والحياة الإنسانية 

وبما تضمنه هذا القرآن من عقيدة وتصور وشريعة وآداب تشيع السلام في الأرض والضمير . 

وتنزيل الملائكة وجبريل عليه السلام خاصة ، بإذن ربهم ، ومعهم هذا القرآن باعتبار جنسه الذي نزل في هذه الليلة وانتشارهم فيما بين السماء والأرض في هذا ( النزول الكريم ) ، الذي تصوره كلمات السورة تصويراً عجيباً. .[5]

-------------------------------------------------------------
ومن عظيم فضلها : 
أن العمل الصالح فيها يفوق ثواب العمل في ألف شهر :
-------------------------------------------------------------
أي أن العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة ، بل الثواب يفوق عمل الألف شهر لأن الله تعالى يقول (( خير من ألف شهر )) فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة 

فالقرآن نص صراحة على أن العمل فيها خير من ألف شهر ، كما صحت بذلك الأحاديث والآثار 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ))[6] 

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ))[7] 

المحروم : هو الذي لا حظ له في السعادة ، نعوذ بالله تعالى من الشقاء .

وعن علي بن عروة قال : 
(( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل، عبدوا الله ثمانين عامًا ، لم يَعْصوه طرفة عين: فذكر أيوب ، وزكريا ، وحزْقيل بن العجوز ، ويوشع بن نون ، قال: فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك .

فأتاه جبريل فقال : يا محمد ، عَجِبَتْ أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ، لم يَعْصُوه طرفة عين ؛ فقد أنزل الله خيرًا من ذلك ، فقرأ عليه (( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك. قال: فَسُرَّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه ))[8]

 وعن مجاهد قال: 
كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل الله هذه الآية (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.[9]

 وقال سفيان الثوري : بَلَغني عن مجاهد : 
ليلةُ القدر خير من ألف شهر. قال: عَمَلها، صيامها وقيامها خير من ألف شهر .[10]   

 قال الإمام مَالِك رحمه الله :
أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .[11]

0 التعليقات: